عصام رجي هو فنان حقيقي، إمتلك حنجرة ذهبية وأتقن الغناء بطريقة سليمة، كما أجاد تطويع صوته ليتناسب مع الألوان الغنائية المتنوعة، وتميّز ببحته الرائعة وبسمته الدائمة التي لم تفارق وجهه.
لحّن العديد من الأغنيات وكان للشحرورة صباح نصيب الأسد منها، وقد برز وإنطلق من المسرح الغنائي والمهرجانات اللبنانية العريقة، فعمل مع الأخوين رحباني، كما أن الفنان والمؤلف المسرحي والغنائي اللبناني روميو لحود كان له الدور الأكبر في نجوميته، وعدا ذلك كان راقصاً محترفاً للدبكة اللبنانية، التي أبرزتها المسرحيات التي شارك فيها، وكانت له أيضاً العديد من الأفلام التلفزيونية.

بداياته

ولدعصام رجيفي كفرشيما عام 1944، وبدأ حياته الفنية ضمن البرنامج التلفزيوني "الفن هوايتي" الذي كان يقدمه رشاد البيبي على تلفزيون لبنان وتعرف بعدها على الاخوين رحباني وعمل معهما ضمن الكورال، هو من الرعيل الذي رافق نهضة الأغنية اللبنانية بأعمال من الصعب نسيانها، كما شارك في مهرجانات بعلبك بادارة الفنان والمؤلف المسرحي والغنائي روميو لحود، الذي أطلقه نحو النجومية.
في عام 1965 نقله روميو لحود إلى مسرح "فينيسيا"، أول مسرح دائم في لبنان ليلعب معه دور البطولة في مسرحية "موال"، وبعدها توالت الأدوار تمثيلاً وغناءً بأكثر من 25 عملاً مسرحياً مع لحود، بينها بعض الأعمال التي قدمت على أدراج قلعة بعلبك الاثرية، ومنها "الفرمان"للأديبة الراحلة ناديا تويني، و"القلعة" و"الليالي اللبنانية"، و"العواصف" المستوحاة من كتاب جبران خليل جبران، الذي يحمل العنوان نفسه.


شهرة في السبعينيات

أغلب أغنيات عصام رجي هي من المسرحيات الغنائية، ورغم ارتباطها الدرامي بالعمل الذي أنتجت من أجله، إلا أنها ظلت قادرة على الاستمرار خارجه، كأغنيات يمكن الاستماع إليها منفردة، ومن أجمل مسرحياته "القلعة" و"الفرمان" للكاتبة الراحلة ناديا تويني و"الليالي اللبنانية" و"العواصف"، وفي هذه المسرحيات وغيرها غنى أشهر أغنياته منهم "قديش قضينا سوا" و "دبكتنا ع الميجانا" و"شفتها بعيدة وأنا بعيد" و"اتغيرتي كتير علينا" و"هبي مع الهوا".
تعاون مع عدد من الشعراء نذكر منهم جورج خليل، الذي كتب كلمات البنت بتكبر قبل الشب ، ويا حاكمة من كلمات شفيق المغربي، أنا صابر، ضوّي يا قمر، وعاش مين شافك من كلمات الشاعر منير عبد النور، الذي كان له حصة الأسد في أغنيات عصام رجي التي لحنها وغناها، أما عيسى أيوب كتب له أغنية عنيدة، وأغنية المحبة، إلياس الرحباني كتب ولحن له أغنية لاقيني، بعدا ببالي كلمات مروان وغدي الرحباني من مسرحية هالو بيروت.

فريد الأطرش لحن له

قدم له صديقه الموسيقار فريد الأطرش أغنية "هزي يا نواعم"، التي شكلت قفزة نوعية في مسيرته الفنية، وساهمت بانتشاره عربياً، وتبعتها مباشرة أغنية "يا صلاة الزين". وهي الأغنية المصرية التي غناها عصام رجي في مسيرته، وهي في الأصل تعود للفنان زكريا أحمد، كما غنى "غنيلي شوي شوي" التي غنتها الفنانة الراحلة أم كلثوم.
من أغنياته "قديش قضينا سوا" و "دبكتنا ع الميجانا" و"شفتها بعيدة وأنا بعيد" و"اتغيرتي كتير علينا" و"هبي مع الهوا"، و"رحنا ديرة بنت الناس"."يومين شهرين" ، "لاقيني"، "كل ما بسمع هالغنية"، "وناطر صرلي شي ساعة".
تمسك بالتراث الموسيقي القديم الذي يعود الى العشرينيات عبر أغنيات ما زال يرددها الجمهور العربي، محافظاً بذلك على مستوى فني راقٍ واصيل وسط سيادة الغناء التجاري والهابط والسريع، وطرح أغنيته الخاصة "فوق الخيل" والتي أكسبته شهرة واسعة، وأحدثت ضجة كبيرة.

اللون البدوي

يعتبر لون الغناء البدوي من أهم ما قدمه عصام رجي وتميز فيه كثيراً، مثل "فوق الخيل" و"لاقيتك والدنيي ليل" وكذلك ألحان مثل إيقاع هذه الأغنيتين.
وصداقته قوية بالموسيقار ملحم بركات وشيخ الملحنين فيلمون وهبي، فهم عاشوا لحظات مهمة في حياتهم وكانت علاقته ببركات جداً قريبة، وكانا يومياً يجتمعان ولا يفترقان حتى في أيام الحرب".
وقالت زوجته نوال عصام رجي في حديث إذاعي مع الإعلامية هلا المر :"عصام لم يمانع من تقديم بعض الفنانين أغانيه مع أنهم لم يطلبوا منا الاذن قبل تقديمها، فديانا حداد قدمت "لاقيتك والدنيي ليل"، كما غنت كارول سماحة "يومين شهرين"، وفي المقابل وجدنا لقاء للفنان عصام رجي والفنانة ديانا حداد حين إجتمعا بضيافة برنامج "جار القمر" من إعداد الزميلة هلا المر، وحينها أشاد رجي بصوت حداد، وسمح لها بغناء "لاقيتك والدنيي ليل".


ألحانه لـ صباح

غنت صباح العديد من الأغنيات الناجحة من ألحان عصام رجي والتي نرددها في أكثر من مناسبة، من أشهرها "يا ناس الدني دولاب" و"سعيدة ليلتنا سعيدة".

أفلامه السينمائية

شارك عصام رجي في بطولة عدة أفلام سينمائية من أهمها: "موال" 1966، و"ملكة الحبة" 1973، و"مسك وعنبر" 1973، و"الجائزة الكبرى" 1974.

الهجرة خلال الحرب والزواج ثم عودة


كان للحرب اللبنانية أبلغ الأثر على تهجير الأدمغة والفنانين اللبنانيين، وكان عصام رجي واحداً من الذين هاجروا سعياً وراء رزقهم في دول أميركية وعربية، فإنتقل للعيش متنقلاً في بعض الدول العربية وتعرف على زوجته نوال الأردنية في مسقط، وتزوجها في سوريا وأنجب منها ابناً هو رامي وابنتين ليال وساليا، ومع إبتعاده عن الفن الغنائي أسس شركة إنتاج تلفزيونية سينمائية وإذاعية، وعمل معه حينها المخرج الأردني حسيب يوسف في برنامج تلفزيوني، أطلق خلاله العديد من الفنانين، منهم الفنانة السورية أصالة. ثم عاد عصام رجي إلى الغناء في الثمانينيات مع مجموعة من الأغنيات التي لاقت النجاح، إضافة إلى عمل مسرحي إسمه "هالو بيروت" مع مروان وغدي الرحباني.
إبن أخيه كريم رجي فنان وقد كرمه في إحدى المناسبات من خلال غنائه أغنياته، وأيضاً من خلال أغنية "حكيك قليل"، من كلمات الشاعر بسام أبي أنطون ولحن عصام رجي، وتوزيع موسيقي غابي فرح، هذه الاغنية صورها كريم على طريقة الفيديو كليب من إخراج مونيكا أندره المر.

أعماله الأخيرة

غنى ولحن من كلمات للشاعر منير عبد النور منها :يا لولو اللون الأزرق، ضوي يا قمر، عاش مين شافك، أنا صابر، أما آخر أعماله من كلمات الشاعر منير عبد النور ولحنها وغناها مع الفنان السوري نور مهنا وشاركه في أدائها في برنامج "جار القمر" عام 1999 بعنوان "لعل وعسى"، وحازت على شعبية وإنتشاراً كبيرين.
عصام رجي، رغم غيابه الطويل، لا زالت أغانيه العابقة بنسمات الشرق والتراث الموسيقي القديم، يرددها الجمهور اللبناني والعربي، تمسكاً بالمستوى الغنائي الراقي والأصيل، الذي جسده طيلة مسيرته الفنية الحافلة.

وفاته

توفي عصام رجي يوم 8 نيسان/أبريل عام 2001، بعد تعرضه لأزمة قلبية.